الأحد، 4 ديسمبر 2011

حادثة كربلاء - الشهيد مطهري



الانسان عندما يتأمل بعمق في حادثة كربلاء يرى أمورا محيرة و لا يقدر أن يتصور أنها أمور حصلت مجرد صدفة، و لذلك فان وراء الاصرار المتزايد للائمة الاطهار و توصياتهم المحققة بضرورة احياء و تخليد الذكرى يعود في الواقع الى رغبتهم و ارادتهم القاضية بضرورة احياء و تخليد الاسلام المجسم المتمثل بهذه الحادثة ، فلا تدعوا هذا الاسلام المجسم ينسى أبدا.


ترى ماذا نواجه نحن في مطالعتنا لحادثة كربلاء؟ اننا نرى اتجاه حركة عجيبة في هذه الواقعة التاريخية. فالرجل له دور في هذه الواقعة، و المرأة لها دور، و الشيخ، و الشباب، و الطفل، كل له دور... الأبيض له دور، و الأسود له دور كذلك، العرب و غير العرب لهم أدوارهم أيضا، الطبقات الاجتماعية المختلفة لعبت أدوارها أيضا، كما لو أن القضاء و القدر الالهيين قد شاءا أن تمثل الطبقات الاجتماعية المختلفة دورها في هذه الواقعة. أي أن يمثل الاسلام فيها.


الشهيد مرتضى مطهري - كتاب الملحمة الحسينية



للحصول على الملكة الأخلاقية - الشهيد مرتضى مطهري



إن جهاد النفس والحصول على الملكات الأخلاقية الرفيعة وإتباع العقل وترك إتباع الهوى لا يحصل تلقائيا،



كما لا يحصل بمجرد مرور الزمن والتقدم بالعمر، وإنّما يتمّ على مرحلتين:

في المرحلة الأولى: على الإنسان أن يقف بوجه رغباته وأهوائه، فعند كلّ معركة ونزاع ينشب بين العقل والقلب عليه أن يتجاهل رغبات القلب ويرتضي أوامر العقل.

في المرحلة الثانية: وهي مرحلة التمرين والحصول على الملكة بالسيطرة التامّة على هذه النفس الأمّارة، فعلى الإنسان أن يَلزم نفسه مدّة طويلة ليربيها ويثقّفها بشكل دائم لا يهدأ، فلا تكون السيطرة يوماً لرغبات قلبه. وينبغي أن يكون عقله هو المسلّط على أعماله وأقواله، وحركاته وسكناته، فلا تعود نفسه تشتهي أصلاً ما لا يرضاه عقله؛ وذلك لأنّها إذا علمت بأنّها لا يمكن أن تؤثر يوماً عليه بأيّ شكل من الأشكال، ويئست من إمكانية أن تكون السيطرة لها، فستعتاد مع مرور الزمن على ذلك، وتصبح مطواعاً لعقله وبصيرته، لا تطلب سوى ما يطلبه.



والصراع والجهاد مع النفس الأمّارة يتطلب نفحة قويّة من القدرة، بل هي القدرة الأسمى، كما ورد في القصة التي تُنقل عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" حين مرّ بجمع من الشبّان كانوا يتبارون في رفع صخرة ثقيلة يمتحنون بها أشدهم وأقواهم، فقال لهم: "ألا أخبركم بأشدكم وأقواكم؟".

قالوا: "بلى يا رسول الله".

وقد ظنّوا أنّه سوف يختار منهم أقواهم عضلاً، ولكن الرسول صلى الله عليه وآله على خلاف ما ظنوا، قال:
"أشدكم وأقواكم الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في إثم ولا باطل، وإذا سخط لم يخرجه سخطه من قول الحق، وإذا قدر لم يتعاط لم ليس بحق".

فليس الأقوى من امتاز بقوّة العضل، بل الذي يمتاز بقوة الروح.



ولأنّ مجاهدة النفس الأمارة يتطلب القدرة الأسمى، بل نوعاً من الحرب الداخلية التي هي أشدّ من الحروب العاديّة المتعارفة فإنّ الرسول صلى الله عليه وآله، وبعد أن رجع مع أصحابه من الجهاد، التفت إليهم وقال لهم:
"مرحباً بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي عليهم الجهاد الأكبر".
فقالوا: وما الجهاد الأكبر يارسول الله؟!.
فقال "صلى الله عليه وآله وسلم":
"هو مجاهدة النفس، ومجالدة هواها".



حقيقة الانتظار - الشهيد مرتضى مطهري


يُجمع المسلمون على أنّ مستقبل التاريخ هو مستقبل مشرق، حيث ستظهر شخصيّة باسم "المهديّ" تحقّق الانتصار لقوى الحقّ على قوى الباطل في الجولة الأخيرة من الصراع، وهذا هو الفرج الذي وعدت به جميع الكتب السماويّة، وجُعِل انتظاره من أفضل العبادات. وبذلك يبعث الإسلام الأمل في مستقبل البشريّة، فتكون نظرته تفاؤلية بخلاف بعض الرؤى التشاؤميّة لمستقبل التاريخ.
 
2- إنّ الفرج الذي يبشّر به الإسلام هو بشرى لجميع الفئات الإنسانيّة في هذا العالم، فلا يختصّ بفئة معيّنة.



3- تمثِّل مسألة نهضة المهديّ عجل الله تعالى فرجه قضيّة تتمتّع بخصائص فلسفيّة وإجتماعيّة كبرى، فإنّ لهذه النهضة خصائص ثقافيّة وتربويّة فضلاً عن السياسيّة والاقتصاديّة...

  هناك نوعان من الانتظار:

الأول: الانتظار الهدّام

وهو انتظار يبعث على الخمول والكسل ويدعو إلى عدم العمل، حيث لا يرى لأنصار الحقّ والمصلحين العاملين أيّ دورٍ في عمليّة الظهور، بل بنظره إنّ المجاهدين والمصلحين يشكلون عاملاً مساهماً في تأخيره، لذا يدين أصحاب هكذا تصوّر الإصلاحات، فيما ينظرون إلى انتشار الفساد والظلم بعين الارتياح والرضا، فهذه الأمور بنظرهم هي التي تعجّل في حصول الفرج. فهؤلاء يرَون أنّ عمليّة الظهور هي عمليّة انقلاب الأوضاع التي وصلت إلى نهاية الانحدار والفساد فتحلّ مكانها الحكومة المهدويّة.
وهو بذلك يشترك في نظرته للتاريخ مع الاتجاه الديالكتيكيّ في عنصره الأساسيّ، وهو قيام تكامل التاريخ على صراع التناقضات، وفي مجموعة من نتائجه من ضرورة  تشديد الفوضى وإشاعة الفساد، ومعارضة الإصلاحات.



وهذا الانتظار مخالف للتعاليم الإسلامية والمفاهيم القرآنية، ولذا لا يمكن الالتزام به.
الثاني: الانتظار البنّاء

وهذا الانتظار يدعو إلى العمل والجهاد والإصلاح ونصرة الحقّ، واتباع أحكام مفاهيم الإسلام في كلّ زمان ومكان، ويعطي دوراً أساسيّاً لإرادة الإنسان في عملية تكامل التاريخ.
وهو يقوم على أساس ضرورة استمرار صراع الحقّ مع الباطل، مع إعطاء دور أساس لأنصار الحق في مسألة التمهيد للمهديّ عجل الله تعالى فرجه.
ويستند هذا الانتظار إلى الآيات والروايات، ويراعي مفاهيم وتعاليم الإسلام الصالحة لكلّ زمان ومكان.

لماذا يستعاد الرجوع إلى أفكار مطهري الآن؟


<span style='background-color:Yellow'>مطهري</span>
 
كان مطهري ، يمثل الدعم الثقافي للثورة الإسلامية ، بما كان يقدمه للثوار من صيغة إسلامية ،
 يرون فيها نقاء خالصًا مستمدًّا من كتاب الله و سنة نبيه و تعاليم أئمة الشيعة ، دون تحريف أو تعديل أو تصحيف، و بما يتجاوب مع ظروف الزمان و مقتضيات العصر، فقد كان يربط بين شعارات الثورة و مدرسة التشيع،  وفي إطار ذلك ، سعى لأن تكون جمعية علماء الدين المناضلين (روحانيت مبارز) ، نموذجًا لفكر مدرسة التشيع، و تشكيلاتها نموذجًا للمقاومة الإسلامية ، و ما زالت الجمعية تتبع فكره حتى الآن، و ما زال قدوة للتيار المحافظ في إيران.
و ربما كان ذلك ، هو ما يحرك القادة الإيرانيين الآن للرجوع إلى أفكار مطهري، في ظل الظروف التي تحيط بإيران الآن، و مع الضغوط العالمية ، التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية على دول منطقة الشرق الأوسط من أجل الإصلاح السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي، حيث أدركت القيادة الإيرانية ، أنه ليس من المفيد مواجهة موجات المطالبة بالإصلاح في الداخل أو الخارج بالقهر أو المعارضة أو التشدد، و
أن الإصلاح ينبغي ، أن يتم بتحويل التوجه إلى فكر تجديدي وسط داخل إطار النظام، خاصة أن مطهري يقدم برامج جاهزة للإصلاح في إطار الاعتدال الإسلامي،
 و إذا كان فكر بهشتي ، قد غلب على توجهات الثورة والنظام في أوج حماسها الثوري، عندما تمكن من تطبيق أفكاره، مع تأسيسه حزب الجمهورية الإسلامية ، الذي سيطرت رموزه المتعاونة مع بهشتي على السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية في جمهورية إيران الإسلامية، خاصة مع تضمن أفكار مطهري لتعدد المرجعية الدينية، و هو ما لم يكن الامام الخميني و تلامذته يحبذونه في ذلك الوقت، حيث كان مطهري يدعو إلى ، أن يكون دور المرجعية الدينية أيديولوجيًّا ، و ليس سلطويًّا أو سياسيًّا، و من هنا فإن تعدد المراجع ، سوف يكون مفيدًا ، و ليس ضارًّا، و ستكون السلطة المعنوية للفقيه أكثر تأثيرًا على النظام من السلطة السياسية، بل إنها يمكن أن تمنع المشاكل التي قد تواجه المرجع السياسي تحدياتها.
و يبدو ، أن آيت الله خامنئي قد أدرك أنه ، قد أصبحت الحاجة مُلحّة الآن للرجوع إلى منهج مطهري في التفكير، خاصة أنه يؤكد على استمرارية الثورة في الحكم الإسلامي، وأن الثورة ضرورة إسلامية وإنسانية ملحَّة، لا يمكن الاستغناء عنها، وتتناغم مع روح العمل في الدين الإسلامي.
<span style='background-color:Yellow'>مطهري</span>

كما أن نظريته في الحرية ، التي تقوم على ضرورة إطلاق حرية الرأي  و حرية العقيدة ، بشرط ألا يحدث تداخل بين أفكار أصحاب العقائد و النظريات ،و أن يكون كل منهم مخلصًا لعقيدته في فكره و عمله، تحدث التمايز و التنوع في المجتمع، و هو ما يفيد النظام في المرحلة الراهنة.
كما أن تأكيده على أن الإسلام ، لا يتعارض مع الديمقراطية ، و أن الإسلام ،هو محتوى الجمهورية ، و ليس قيدًا عليها، يرضي الإصلاحيين،  و يتجاوب مع فكرهم. و كذلك تعويله على محورية الإنسان ، و أنه أساس الخلق و الابتكار و العمل، و أن الإسلام ، لا يتنافى مع التقدم و الأخذ بأدوات المدنية الحديثة، مؤكدًا على أن تقوم النهضة على أساس علمي، و على أكتاف شباب الثورة و النظام، و هو ما يرضي توجه النظام و المحافظين الجدد.
إضافة إلى هذا كله فقد
حل مطهري مشكلة التواجه بين الإسلام و القومية على أساس ، يرضي القومية الإيرانية، و يضمن استمرار موقع التراث الإيراني من الفكر الإسلامي في أجندة عمل الثورة الإسلامية ،
و يوجد تكاملاً بين القومية الإيرانية و الإسلام في إطار عصري، حيث يؤكد أن ادعاء انفصال الدماء و العروق ليس أكثر من خرافة، و أن العرق الآري كان منفصلاً عن العرق السامي في الماضي، أما الآن فقد امتزجا بالقدر الذي لم يبق أثرًا لانفصال العروق، و أن الحديث عن استقلال العرق أو الدم ليس أكثر من خرافة.
كما أكد مطهري ، أن الدين و العلم و الفلسفة لا وطن لها، و إنما هي عالمية و ملك للجميع، و هذا لا يمنع من ضرورة المحافظة على التراث الثقافي الوطني و تفعيله ، كأحد أركان الثقافة العالمية.
و أكد مطهري أن من الخطأ التمسك بالعادات الخاطئة أو التفريط في التجديد، وأن الإسلام في تأكيده على السنن الحسنة  ، أكد على ضرورة تناسب القيم مع العرف و ظروف المجتمع و مقتضيات الزمان.

آية الله مطهري...القطب الثاني للثورة


مطهري

يعتبر آية الله مرتضى مطهري مع آية الله محمد حسين بهشتي قطبي مفكري الثورة الإسلامية في إيران، فكانا مجددين في الفكر الإسلامي الشيعي وتطبيقاته، وكانا فعالين في وضع لبنات النظام الذي أقامته الثورة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية، وكانا يقومان بحل المعضلات الفكرية والاجتماعية التي كانت تصادف مجلس قيادة الثورة، مع مواجهة التوجهات اليسارية واليمينية لقادتها، إلا أن مطهري كان تجديديًّا بينما كان بهشتي أصوليًّا، وقد استشهد مطهري قبل مرور عام على انتصار الثورة الإسلامية في 1/5/1980م برصاصة أحد المتطرفين، بينما استشهد بهشتي بعده بعام في 28/6/1981م عند قيام منظمة مجاهدي خلق بتفجير مقر حزب الجمهورية الإسلامية الذي كان متواجدًا فيه يلقي إحدى خطبه.

الجهاد ضد الشاه

التحق بركب الجهاد ضد النظام وتعاون مع منظمة فدائيي الإسلام، ثم توجه إلى طهران عام (1953م) حيث أسس الجمعية الإسلامية للطلاب مع بداية جديدة لنشاطه، والتحق عام (1956م) بكلية العلوم الدينية (الهيات) بجامعة طهران مدرسًا حتى عام (1978م)، وخلال ذلك حصل على درجة الدكتوراة في الفلسفة من نفس الكلية، حيث سمى نفسه على سبيل السخرية (ذو الحياتين)، ويبدو أن فترة وجوده في الكلية سمحت له بممارسة نشاطه السياسي من خلال الجمعية الإسلامية للطلاب حتى اعتقل مع الخميني في أحداث المدرسة الفيضية عام 1964م، وقد أطلق سراحه بعد أربعة وثلاثين يومًا مع نفي الخميني إلى تركيا، حيث أقام في حي أمير الأمراء، وأخذ يعمل على تشكيل جمعية علماء الدين المناضلين بموافقة الخميني ومساعدة زملائه، كما ساعد في السنوات التالية على تأسيس حسينية إرشاد، وصار عضو مجلس إدارة هذه المؤسسة، وهناك بدأت تظهر أفكاره ونظرياته الإسلامية.
وفي عام 1970م أصدر بيانًا بالاشتراك مع آية الله زنجاني والعلامة طباطبائي لإدانة الإجراءات الأمريكية في فلسطين، وجمع التبرعات لصالح اللاجئين الفلسطينيين. كما تولى عام 1972م البرنامج الإعلامي والنضالي لمسجد الجواد، وكان على اتصال بالخميني في تحركاته. وقد اعتقل مرة أخرى عام 1973م وتم إغلاق حسينية إرشاد، وبعد إطلاق سراحه استمر في نضاله حتى منع من الخطابة على المنابر عام 1978م، وقد ضمه الخميني إلى عضوية مجلس الثورة الإسلامية، فكان من أوائل أعضائه، وظل فيه حتى وفاته. كان آية الله مطهري من المستشارين المقربين للخميني وموضع ثقته، حتى إن الخميني كان يصفه بأنه حاصل عمره. كان رئيس لجنة استقبال الخميني عند عودته من المنفى مع انتصار الثورة الإسلامية، حيث شكّل هذه اللجنة، وأعد له مسكنه، وكتب إعلان الترحيب به وإعلان انتصار الثورة، وظل بجانبه طوال فترة وجوده في المدرسة العلوية بطهران.

ميراثه العلمي

وقد عرف مطهري بأنه كان حجة في الفلسفة، وموسوعة في العلوم الدينية من فقه وتفسير وحديث، فضلاً عن إجادته للغة العربية حتى قيل عنه إنه جامع المعقول والمنقول، واسع المعرفة عميق الفكر، له مؤلفات كثيرة، أشهرها: شرح نهج البلاغة، قصص الصالحين، مقدمة على أصول الفلسفة للعلامة الطباطبائي، الحركات الإسلامية، نظام حقوق المرأة في الإسلام، أسباب التوجه للمادية، الإنسان والمصير، نقد على الماركسية، العدل الإلهي، الحركة والزمن، دروس الشفاء، مقدمة على الرؤية الإسلامية الشاملة للعالم، الإسلام ومقتضيات الزمان، الإمامة والزعامة، الجهاد، جولة في السيرة النبوية، الحماسة الحسينية، النهضة وثورة المهدي، الخدمات المتقابلة بين الإسلام وإيران، فلسفة الأخلاق، التعليم والتربية في الإسلام، حول الثورة الإسلامية، حول الجمهورية الإسلامية، فلسفة التاريخ، قضية الحجاب.

هوامش ومصادر:
أفكار مطهري حول الثقافة والمدنية - باجتهاد حجة الإسلام محمد حسن سعيدي وآخرين. نشر هيئة الإذاعة والتليفزيون.