كان
مطهري ، يمثل الدعم الثقافي للثورة الإسلامية ، بما كان يقدمه للثوار من
صيغة إسلامية ،
يرون فيها نقاء خالصًا مستمدًّا من
كتاب الله و سنة نبيه و تعاليم
أئمة الشيعة ، دون تحريف أو تعديل أو تصحيف، و بما يتجاوب مع ظروف الزمان و مقتضيات العصر، فقد كان يربط بين شعارات الثورة و مدرسة التشيع، وفي إطار ذلك ، سعى لأن تكون
جمعية علماء الدين المناضلين (روحانيت مبارز) ، نموذجًا لفكر مدرسة التشيع، و تشكيلاتها نموذجًا
للمقاومة الإسلامية ، و ما زالت الجمعية تتبع فكره حتى الآن، و ما زال قدوة
للتيار المحافظ في إيران.
و ربما كان ذلك ، هو ما يحرك القادة الإيرانيين الآن للرجوع إلى أفكار
مطهري، في ظل الظروف التي تحيط بإيران الآن، و مع الضغوط العالمية ، التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية على دول منطقة الشرق الأوسط من أجل
الإصلاح السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي، حيث أدركت القيادة الإيرانية ، أنه ليس من المفيد مواجهة موجات المطالبة بالإصلاح في الداخل أو الخارج بالقهر أو المعارضة أو التشدد، و
أن الإصلاح ينبغي ، أن يتم بتحويل التوجه إلى فكر تجديدي وسط داخل إطار النظام، خاصة أن مطهري يقدم برامج جاهزة للإصلاح في إطار الاعتدال الإسلامي،
و إذا كان فكر
بهشتي ، قد غلب على توجهات الثورة والنظام في أوج حماسها الثوري، عندما تمكن من تطبيق أفكاره، مع تأسيسه
حزب الجمهورية الإسلامية ، الذي سيطرت رموزه المتعاونة مع بهشتي على السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية في جمهورية إيران الإسلامية، خاصة مع تضمن أفكار
مطهري لتعدد المرجعية الدينية، و هو ما لم يكن الامام الخميني و تلامذته يحبذونه في ذلك الوقت، حيث كان
مطهري يدعو إلى ، أن يكون دور
المرجعية الدينية أيديولوجيًّا ، و ليس سلطويًّا أو سياسيًّا، و من هنا فإن تعدد المراجع ، سوف يكون مفيدًا ، و ليس ضارًّا، و ستكون السلطة المعنوية
للفقيه أكثر تأثيرًا على النظام من السلطة السياسية، بل إنها يمكن أن تمنع المشاكل التي قد تواجه المرجع السياسي تحدياتها.
و يبدو ، أن آيت الله خامنئي قد أدرك أنه ، قد أصبحت الحاجة مُلحّة الآن للرجوع إلى منهج
مطهري في التفكير، خاصة أنه يؤكد على
استمرارية الثورة في الحكم الإسلامي، وأن الثورة ضرورة إسلامية وإنسانية ملحَّة، لا يمكن الاستغناء عنها، وتتناغم مع روح العمل في الدين الإسلامي.
كما أن نظريته في الحرية ، التي تقوم على ضرورة إطلاق حرية الرأي و حرية العقيدة ، بشرط ألا يحدث تداخل بين أفكار أصحاب العقائد و النظريات ،و أن يكون كل منهم مخلصًا لعقيدته في فكره و عمله، تحدث التمايز و التنوع في المجتمع، و هو ما يفيد النظام في المرحلة الراهنة.
كما أن تأكيده على أن
الإسلام ، لا يتعارض مع
الديمقراطية ، و أن الإسلام ،هو محتوى الجمهورية ، و ليس قيدًا عليها، يرضي
الإصلاحيين، و يتجاوب مع فكرهم. و كذلك تعويله على محورية الإنسان ، و أنه أساس الخلق و الابتكار و العمل، و أن الإسلام ، لا يتنافى مع التقدم و الأخذ بأدوات المدنية الحديثة، مؤكدًا على أن تقوم
النهضة على أساس
علمي، و على أكتاف شباب الثورة و النظام، و هو ما يرضي توجه النظام و المحافظين الجدد.
إضافة إلى هذا كله فقد
حل مطهري مشكلة التواجه بين الإسلام و القومية على أساس ، يرضي القومية الإيرانية، و يضمن استمرار موقع التراث الإيراني من الفكر الإسلامي في أجندة عمل الثورة الإسلامية ،
و يوجد تكاملاً بين القومية الإيرانية و الإسلام في إطار عصري، حيث يؤكد أن ادعاء انفصال الدماء و العروق ليس أكثر من خرافة، و أن
العرق الآري كان منفصلاً عن
العرق السامي في الماضي، أما الآن فقد امتزجا بالقدر الذي لم يبق أثرًا لانفصال العروق، و أن الحديث عن استقلال العرق أو الدم ليس أكثر من
خرافة.
كما أكد مطهري ، أن الدين و العلم و الفلسفة لا وطن لها، و إنما هي عالمية و ملك للجميع، و هذا لا يمنع من ضرورة المحافظة على التراث الثقافي الوطني و تفعيله ، كأحد أركان الثقافة العالمية.
و أكد
مطهري أن من الخطأ التمسك بالعادات الخاطئة أو التفريط في التجديد، وأن الإسلام في تأكيده على السنن الحسنة ، أكد على ضرورة تناسب
القيم مع العرف و ظروف المجتمع و مقتضيات الزمان.