الأحد، 11 ديسمبر 2011

الشهيد - الشهيد مطهري


مكانة الشهيد:

القرآن الكريم يقول عن الشهيد:
"ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا، بل أحياء عند ربهم يرزقون"
(آل عمران 169)
فالشهداء -إذن- "أحياء" و"عند ربهم " يرزقون ... وما أعظمها من منزله!!
والسنة تكثر من تشبيه المكانة السامية التي يمكن أن ينالها إنسان في حياته بمكانة الشهيد ..
لأنها ذروة الرقي والتكامل في المسيرة الإنسانية ..
فالسائرون على طريق طلب العلم، من أجل التعرف على الحقيقة، وطلبا لمرضاة الله تعالى، لا بهدف الترفع والاتجار، هم شهداء في

مفهوم الروايات الإسلاميه إن توفّاهم الله على هذا الطريق.
وهذا التشبيه يدل على علو مكانة طالب العلم إضافة لما له من دلالة على أن الشهادة هي الذروة في مسيرة الإنسان التكاملية .
ونظير هذا التشبيه ورد بشأن الساعي على طريق إدارة دفة اقتصاد عائلته، وبالتالي على طريق إدارة اقتصاد مجتمعه .. في الحديث:
"الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله" ..

حق الشهيد

كل أولئك الذين خدموا البشرية بشكل من الأشكال لهم حق على بني الإنسان، سواء أسدوا خدماتهم عن طريق العلم أم الفكر أم الفلسفة و الاختراع  والاكتشاف أم الأخلاق والحكمة العملية ...
لكن أحدا من هؤلاء ليس له على البشرية حق كما الشهيد ...
ومن هنا فان ما يكنه أبناء البشر من تعاطف وانشداد تجاه الشهداء يفوق ما يكنوه تجاه سائر
خدمة البشرية.
ولماذا هذا التفوق ؟
الدليل واضح .. كل المجموعات التي أسدت خدمات إلى البشرية مدينة للشهداء .. لكن الشهداء قلما كانوا مدينين لهذه المجموعات.
العالم في علمه .. والفيلسوف في فلسفته .. والمخترع في اختراعه .. ومعلم الأخلاق في تعاليمه، محتاجون إلى أجواء حرة مساعدة كي يقدموا خدماتهم ..

والشهيد بتضحياته يوفر هذه الأجواء ..
الشهيد كالشمعة التي تحترق وتفنى لتضئ الطريق للآخرين ..
الشهداء شموع البشرية على طريقها اللاحب الطويل ..
ولولا هذه الشموع لما استطاعت المسيرة البشرية أن تواصل طريقها، ولما استطاع أبناء البشر في ظلمات الاستعباد والاستبداد أن يمارسوا نشاطاتهم ويقدموا خدماتهم الإنسانية.
والله سبحانه يخاطب نبيه الكريم قائلا:
"يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ، وداعيا إلى الله باذنه وسراجا منيرا "
(الأحزاب 44-45)
و(السراج المنير) مفهوم يدل على الإضاءة، وينطوي على معنى الاحتراق وإزالة دياجير الظلام .


جسد الشهيد

أحكام الإسلام تقوم كلها على أساس الحكمة والمصلحة، وجميعها
لها دلالاتها الخاصة، وخاصة دلالاتها الإجتماعية.
ومن هذه الأحكام ما يتعلق بالميت من غسل وتكفين وصلاة ودفن . وكلها ذات معان خاصة لسنا بصدد الحديث عنها ..
إلاّ أن أحكام الميت هذه، لها استثناء .. وهذا الإستثناء يختص بجسد الشهيد .
فأحكام الميت لا تطبق على جسد الشهيد سوى الصلاة والدفن .
أما الغسل والتكفين .. فلا .
الشهيد يدفن بدمه وملابسه ..
وهذا الإستثناء له مغزاه العميق، انه يرمز إلى أن روح الشهيد بلغت درجة
من السمو والطهارة بحيث ترك هذا السمو والطهر آثاره على

جسد الشهيد وعلى دمه، بل وحتى على ما يرتديه من لباس .
بدن الشهيد "جسد متروح " إن صح التعبير، أي أضحى
وجودا تجري عليه أحكام الروح ..
ولباسه أضحى .. "لباسا متجسدا" أي تجري عليه أحكام
الجسد الذي يضم تلك الروح الطاهرة .
فجسد الشهيد ولباسه اكتسبا الشرف من طهر روحه وعلو فكره وسمو تضحيته ..
وتلك دلالة أخرى على قداسة الشهيد في المفهوم الإسلامي ..


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق